تحليل بيانات البحث النوعي (٢): كيف أحول الترميزات إلى مواضيع؟
تحدثت في المقالة السابقة عن كيفية البدء بتحليل البيانات النوعية وبداية الترميز (Coding). في هذه المقالة، أتابع الحديث عن الترميزات (Codes) بمزيد من التفاصيل وسنتعرف على الموضوعات (Themes).
صنّف (Saldaña, 2016) الترميزات لستة أنواع وهي:
- التشابه: أشياء تحدث بنفس الطريقة
- الاختلاف: أشياء تحدث بطرق مختلفة
- التكرار: أشياء تحدث غالباً أو بشكل متكرر
- التسلسل: أشياء تحدث بترتيب معين
- التعلق: أشياء تحدث بشكل متعلق مع أنشطة وأحداث أخرى
- السببية: حدوث شيء يكون سبباً في ظهور شيء آخر
ليس بالضرورة ظهور جميع هذه الأنواع من الترميزات في بيانات بحثك بل قد يظهر لديك بعضها دون البعض الآخر.
هل يجب أن أحلل جميع البيانات التي جمعتها لبحثي؟
هناك آراء مختلفة ومتضادة عن البيانات التي تستحق أن نحللها. هناك رأي يقول بأن كل كلمة وعبارة مهمة ويجب تحليلها. هذا الرأي يقابله رأي مضاد بأن التحليل ينبغي أن يكون لأهم البيانات فقط لذا ينبغي الاختصار بتحليل البيانات المتعلقة جداً بالأسئلة البحثية وحذف الباقي والذي قد يصل إلى نصف البيانات أو ثلثيها. (شخصياً أفضل الرأي الأول خاصة للمبتدئين في التحليل لأنه قد يصعب عليهم التفريق بين الأهم وغير المهم من البيانات، فالأفضل تحليل كل البيانات ثم الانتقاء وقت كتابة النتائج).
الترميزات (Codes) والموضوعات (Themes)
بعد كتابة الترميزات تأتي مرحلة كتابة الموضوعات والتي هي الناتج النهائي من الترميزات. فبعد تحليل البيانات إلى ترميزات كثيرة وصغيرة، تأتي مرحلة تحويلها إلى موضوعات كبيرة وقليلة. هذا التحويل يتم من خلال ذلك جمع الترميزات المتماثلة أو المتشابهة أو المتقاربة في تصنيف واحد يسمى موضوع (Theme). هذه الموضوعات الأساسية (Themes) قد تعتبر مثل العائلة التي تتضمن الوالدين والأطفال وربما الأحفاد أي أنها تحتوي العديد من التصنيفات الفرعية.
ومن المستحسن عمل خريطة ذهنية للترميزات والمواضيع منذ بداية التحليل فهي تساعد كثيراً في عملية كتابة النتائج ومناقشتها. هذا مثال لخريطة ذهنية فارغة لكتابة الترميزات.
كم العدد الجيد لمجموع الترميزات (Codes)؟
هناك رأي يقترح أن يكون عدد الترميزات ما بين ٥٠ إلى ٣٠٠ ترميز، في حين أن الرأي الآخر يرى أن تكون الترميزات بين ٨٠ إلى ١٠٠ ترميز. أما عدد المواضيع المتكونة من الترميزات فتكون غالباً بين ٥ إلى ٧ مواضيع (Themes).
تحويل الترميزات إلى موضوعات
لنأخذ مثالاً لتحليل مقطع من مقابلتين مع طالبات متفوقات مع الترميزات والموضوعات التي يمكن استخلاصها من المقابلة.
الطالبة | المقابلة | الترميزات (Codes) | الموضوعات (Themes) |
نورة | السؤال: ما الذي قد يقتل أو يحد من التفوق لدى الطالبة؟
الإجابة: إن جو المدرسة من أهم الأمور التي تحافظ على استمرارية التفوق وعدم قتله وكذلك تهيئة الجو المناسب في المنزل للطالبة وخاصة وقت الاستذكار في عدم الحد من التفوق واستمراريته. |
١- محيط المدرسة يؤثر على التفوق
٢- بيئة المنزل تؤثر على التفوق |
١- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق
٢- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق |
سارة | السؤال: ما الذي قد يقتل أو يحد من التفوق لدى الطالبة؟
الإجابة: المعلمة التي تستهزأ بجهد الطالبة. وكذلك خوف الطالبة الشديد من الفشل أو نقصان الدرجات. |
١- دور المعلمة في التأثير على تفوق الطالبة.
٢- تأثير الخوف على تفوق الطالبة. |
١- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق
٢- العوامل الداخلية المؤثرة على التفوق |
في المرحلة الأولى من الترميز قد نتفاجئ من الكم الهائل من الترميزات (Codes) لكن في الدورة الثانية من الترميز (عند مراجعة الترميزات مرة أخرى) قد ننتبه لوجود تكرار في بعض الترميزات والتي يمكن دمجها في عنوان واحد. مثلاً الترميز (محيط المدرسة يؤثر على التفوق)، والترميز (دور المعلمة في التأثير على تفوق الطالبة) فيهما تشابه وبالإمكان دمجهما تحت عنوان واحد وهو (تأثير محيط المدرسة على التفوق). وعلى الرغم من أن الترميز قد يكون أحياناً كبيراً وشاملاً لتصنيفات أصغر من الترميزات ولكنه يظل مختلفاً عن الموضوع (Theme) والذي يعتبر مثل المظلة الكبيرة التي تضم عدداً من الترميزات تحتها.
في المثال السابق، نجد أن الطالبات تحدثن عن الأشياء التي تؤثر على تفوقهن كالمدرسة والمنزل وهما يعتبران عاملان خارجيان في حين أن الخوف من الفشل يعتبر عاملاً نفسياً منبعثاً من داخل النفس (عامل داخلي). إذاً هنا نجد موضوعين كبيرين كل منهما يضم تحته مواضيع أصغر هي الترميزات. الموضوع الأول (Theme) هو العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق ويندرج تحته الترميز (Code) الأول وهو دور المدرسة متضمناً المديرة، المعلمة والزميلات، والترميز (Code) الثاني وهو دور المنزل متضمناً الوالدين والأخوة والأخوات والجو العام للمنزل. والموضوع الثاني (Theme) هو العوامل الداخلية المؤثرة على التفوق ويندرج تحته الترميز (Code) العوامل النفسية كالخوف من الفشل.
الدورة الثانية من التحليل
مراجعة الترميزات تسمى الدورة الثانية للتحليل وقد تكون هناك ثالثة ورابعة وأكثر حسب الحاجة. هناك عدة طرق لمراجعة التحليل:
- إما باتباع نفس الطريقة الأولى وهي قراءة البيانات وتحليلها مرة أخرى.
- أو بطريقة أخرى وهي قراءة محتويات كل ترميز. مثلاً، نعيد قراءة جميع المقاطع التي أخذناها من المقابلات وحفظناها تحت ترميز (تأثير محيط المدرسة على التفوق)، حيث نقرأها ونتأكد هل هي في مكانها الصحيح أم الخاطئ؟ هل يمكن وضعها تحت ترميز آخر؟ هل يمكن دمج ترميزين؟ أو فصل ترميز واحد إلى اثنين؟ وهكذا،… وتكمن أهمية الدورة الثانية للتحليل في التأكد من جودة التحليل وصحته.
Saldaña, J. (2016). The coding manual for qualitative researchers. Sage.
شكرا دكتوره هبه وشكرا للاكاديميه
فعلا موضوع لامس احتياج الباحثين خاصه في البحوث النوعيه واتمنى يكون هناك مقال لكيفيه عرضها في فصل النتائج .
ولكم جزيل الشكر والعرفان
شكراً أختي ريم، المقالات المقبلة ستشرح طريقة عرض نتائج البيانات ومناقشتها إن شاء الله.
لكن لانشغالي ببحث الدكتوراه فقد أتأخر قليلاً في كتابة ونشر المقالات.
وفقك الله.
شكراً على الجهد الرائع دكتوره هبه..هل بإمكاني الحصول على بحث نوعي في مجال التنمية مثلاً أو أية مجالات أخرى؟
العفو. لدي رسائل و بحوث نوعية انجليزية في مجال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التعلم كونه مجال بحثي، ولم أطلع على بحوث في مجالات أخرى.
هل بالإمكان نستفيد منها وترسليها على الايميل الخاص بي: barhoom2011@yahoo.com
أكون شاكراً لك..حالياً أنا طالب دكتوراه وأحتاج أبحاث نوعية للاستفادة منها
مفيد جدا دكتورة
ياليت الإكمال
بالتوفيق
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك موضوعات غاية فى الأهمية
الف شكر على الشرح المفيد والمبسط… جزاكم الله الف خير…
شكرا جزيلا عرض رائع ومبسط.
شكرا جزيلا عرض رائع ومبسط.
أتمنى من أ.د. هبة العدساني تقديم خدمة لي بمساعدتي في بحثي في الدكتوراه
ومراسلتي على بريدي، شاكرا على حسن الاستجابة