مقدمة في التفكير النقدي (Critical Thinking)
إن الكثير من الطلاب يعانون من في مرحلة البحث من قضية جوهرية وهي افتقاد الباحث/الباحث للتفكير النقدي/الناقد (Critical Thinking)، و كثير من البحوث يتم التعليق عليها بأن الباحث لم يكن ناقداً بصيراً بل كان يصف المشكلة و لم يتعمق فيها و يحللها و يناقشها بشكل كافي.
في هذا الموضوع سأعرض لتوصيف مبسط لماهية التفكير الناقد، ثم سأتناول في موضوع آخر أهم الأسئلة التي على الطالب أن يطرحها طول فترة الدراسة أو البحث، حتى يصل لمرحلة التفكير الناقد، ثم بعد ذلك، سأشارك معكم مقارنة بين أسلوب الكتابة الوصفية و النقدية.
هذه المقالة موجهه لجميع الباحثين و الطلاب و المربين و صانعي القرارات، و كذلك المهتمين بتطوير مهارات التفكير الناقد لديهم.
التفكير النقدي قد يعرف بأنه القدرة على التحقق من الافتراضات أو الافكار أو الأخبار هل هي حقيقية، أم تحمل جزءا من الحقيقة، أم أنها غير حقيقية. وقد عرف التفكير النقدي على أنه: تفكير تأملي معقول يركز على ما يعتقد به الفرد أو يقوم بأدائه، و هو فحص و تقويم الحلول المعروضة من أجل إصدار حكم حول قيمة الشيء.
المفكر الناقد هو الشخص الذي يفكر و يحلل بعد الغوص في المعلومات و التحقق من دقتها و صحتها، ويتأمل المواقف ثم يقيميها بناءً على الامكانيات التي لديه ، ثم يطلق الأحكام أو المقترحات بعد ذلك. هذه العملية تكون في جميع مراحل الحياة، في القراءة، في الكتابة، عند سماع الأخبار، عند التعليم الخ.
الصفات التي يجب على المفكر أن يتمتع بها
- الاستعداد لتقبل الأراء المخالفة، و عدم التعصب لرأي أو لمدرسة معينة أو لعادات اجتماعية منتشرة.
- الاستعداد لنقد الذات، والتواضع في طلب العلم، وإعادة التفكير في الاسئلة والفرضيات التي يطرحها باستمرار.
- المهارة في طرح الاسئلة والمشاكل والاحتمالات لتضييق نطاق البحث.
- التأمل و إعادة التفكير في القضايا المعرفية، صدق المعرفة التي لدى الباحث، قوة الأدلة التي اعتمد عليها الباحث، تفكيك بنية البحث، والسؤال بصدق: ماهو الشيء الذي اريد أن اصل إليه؟ هل رغباتي الشخصية هي الموجه الحقيقي لذلك؟
- البعد عن السطحية في التفكير باستخدام التعميمات مثل الحكم على الأشياء أو الناس أو الافكار بأنها جيدة أو سيئة بناء على خبرة أو رأي شخصي. العمق الفكري مهم لكل طالب علم، التأمل و التحليل و التركيب و المقارنة و طرح الاسئلة التي لا نملك الإجابة عليها تؤدي إلى التفكير الناقد.
- القدرة على محاكمة المسلمات ومناقشتها.
- استخدام المنطق و التدرب على المحاججة و مناقشة الأدلة من كلا الطرفين المختلفين، و مناقشة الآخرين و التعلم منهم.
الإجراءات التي تساعد على بناء و تطوير القدرة على التفكير النقدي
- الفهم العميق للمشكلة و تحديد أبعادها.
- جمع المعلومات من عدة مصادر، والقراءة الكثيرة، و يفضل أن تكون القراءة منظمة بشكل يساعد الباحث على الرجوع لها بشكل جيد، يفضل لذلك أن يستخدم الباحث جدول يحدد فيه بدقة مصدر المعلومة، و كيفية الرجوع إليها، ثم تعليق الباحث. هذه التعليقات مفيدة جدا في المستقبل عند العودة إليها، و هذا التعليق يكون بنقد المعلومة سواء إيجاباً أو سلباً.
- تأمل الافتراضات و قيمتها.
- تحليل المعلومات و من ثم مقارنة المعطيات و الافتراضات.
- تفسير الأدلة و تقييمها.
- مناقشة الآخرين و جميع من لهم صلة بالبحث و كذلك من هم بعيدين عنه، حيث يحسن بالباحث طرح أفكاره لعموم الناس ثم ينظر كيفية إستجابتهم لها. هذه المناقشات تفتح آفاقاَ لا يمكن حصرها.
- تقديم الخاتمة، المقترحات وإمكانية التعميم.
في الخاتمة أود أن انبه إلى أن هذه القدرة أو الملكة – بفتح الميم واللام – تكتسب اكتساباً و يكون التمرس عليها بالتعلم و التدريب و الصبر. لذا فلا يغضب أحدنا عندما يوقع المصحح في أسفل بحثه الذي قد بذل فيه الليالي و الأيام، بعبارة (البحث وصفي و يفتقد إلى التفكير الناقد). فطالب العلم لا يكل ولا يمل من التزود بالمهارات التي تعينه أن يكون مبدعاً في مجاله.
من المهم أيضاً، أن تتابع موضوع ٢١ سؤالاً تقودك للتفكير النقدي (Critical Thinking)،و الذي يحتوي على الأسئلة التي تعين الباحث للوصول ببحثه إلى مرحلة التفكير الناقد.
جزيت خيرا
جميل جزاكم الله خيرا وكل عام وانتم بخير
الله يجزاك خير
رائع وننتظر المزيد بلهف
جميل ما ذكرت يا أخ عبد الرحمن …. التفكير الناقد للباحث مهم وخصوصا لمن يتناول البحوث الكيفية … نحن بانتظار القادم . بالتوفيق
السلام عليكم اخي العزيز هل نستطيع نقد الدين او رجاله خصوصا ان المراحل تثبت انهم على خطأ ام نتركهم افضل؟ الف شكر
وعليكم السلام، التفكير النقدي بشقيه الايجابي والسلبي، يتمحور حول البحث عن حقيقة الاشياء، وكما علق أحد الزملاء بأن نسبية الحقيقة هي الدافع للتفكير النقدي الفاعل،، ومن ذلك تأمل ومعالجة القضايا الدينية بممارسة التفكير النقدي –
أما سؤالك المباشر بنقد الدين ورجاله؟ فيجب أن نسأل السؤال التالي: هل رجال الدين معصومين؟ فإن كان لا فيجب أن يركز الباحث عن الحق على تحدد الهدف من النقد، من هو الناقد، وكيفية النقد، وتحري الصدق والبحث عن الحق ، والفائدة المرجوة، ثم في النهاية التوصل لقناعة شخصية سواء بالقبول أو الرفض.
هل الهدف من النقد، هو البحث عن الحق؟
مشكلة كثير ممن يمارس النقد سواء للدين أو رجاله ، ينطلق من منطلقات أيدولجيه مسبقة – وهذا يخالف النصائح التي كتبتها عن الصفات التي يجب أن يكون الباحث متحلياً بها:
الاستعداد لتقبل الأراء المخالفة، و عدم التعصب لرأي أو لمدرسة معينة أو لعادات اجتماعية منتشرة.
الاستعداد لنقد الذات، والتواضع في طلب العلم،
أما تقريرك بأن المراحل قد أثبتت أنهم على خطأ؟؟ فهذا يحتاج لدليل يقبل من الجميع
وإن كان تصور شخصي فأنصحك بمحاكمته والتفكر فيه – فهو يبدو كأنه حقيقة مطلقة –
تحياتي
الله يجزاك خير. دائم مبدع
بارك الله فيك أخوي عبد الرحمن
أتمنى لك الوفيق والسداد
الفكرة جميله جدا وسنكون اكثر تطور اذا استمرينا على البحث عن الحقيقه في جميع سبل الحياة وانطباعها…
مشكور اخي عبد الرحمن
اشكر الجميع ممن شارك او مر ولم يعلق ،، قرات احد الردود للاستاذ بدر الشاعري في منتدى القيادة التربوية كلاماً يستحق النشر هنا:
أشكر أخي عبدالرحمن على طرح موضوع التفكير الناقد. والذي أرى أنه أسلوب حياة, وعادة يمكن أن يعتاد عليها الانسان حتى تكون جبلة له.
فالكاتب, والمتلقي, والمتحدث, والقارئ, لابد أن تكون لديه ملكة التفكير الناقد, وهي تأتي بالمران؛ من خلال طرح الأسئلة, والتفسير, والتعليق, والتفصيل والتقسيم و الترجيح….
هذا من جهة, ومن جهة أخرى هناك إرث كبير في أدبيات التفكير الناقد العربية والإسلامية من خلال التطرق للمناظرات وأدبياتها, وطرق الترجيح بين الأقوال الفقهية والعقدية, بداية من القرآن الكريم والسنة النبوية مرورا بالكتب الفقهية, وكتب العقيدة, وكتب التفسير, والمناظرات المشهورة بين المعتزلة وأهل السنة, وكتب المنطق والفلسفة, وصولا إلى ما كتب حديثا عن التفكير الناقد من خلال عدد من المؤلفين والمهتمين.
وهنا يمكن أن يطرح سؤال هل ضعف التفكير الناقد بجميع صوره وأشكاله الكتابي و المقروء….. , وما أسباب ذلك, وكيف يمكن أن نرتقي به من خلال كتاباتنا التربوية؟
أعتقد أن كتابات أخي عبدالرحمن سوف تسهم بشكل كبير في الإجابة على هذا التساؤل. كما أعتقد أن التاريخ الإسلامي مر بفترات منعت من التفكير الناقد, وحجمت من دور العقل, وساعد ذلك النظام السياسي والاجتماعي والديني القائم. ثم جاء دور المدارس والجامعات في العصر العربي الحديث, وساهمت مناهجه الخفية المتأثرة بالجو الاجتماعي السائد على الحفظ والتلقين دون التفكير الناقد واستخدام العقل.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته :
استاذ عبدالرحمن مبارك عليك شهر رمضان , واشكرك جزيل الشكر على التطرق لهذا الموضوع لكن إذ سمحت لي استاذ عندي سؤال خفيف كيف استفيد من التفكير النقدي عند إجراء بحثي (اقصد في اي جزءمن الرساله ) هل على الباحث ان يستخدم التفكير النقدي مثلاً عند مقارنه دراسته بالدراسات السابقة أم ماذا ؟ وبماذا تفيدنا الانتقادات التي نضعها عند قراءتنا لدراسه معينه ؟ مع خالص الشكر
وعليكم السلام
سؤالك مهم للغاية ، من وجهة نظري أن التفكير النقدي يجب أن يبدأ قبل أن يبدأ الباحث بحثه، وفي مراحله الاولى من التفكير في العنوان والمنطقة التي سيكون بها ، وكذلك في بداية كتابة الخطوط العريضة ، وتستمر العملية في جميع مراحل البحث ، يجب ان يفكر ملياً وينقد نفسه والعمليات التي يقوم بها ، لان ذلك يفيده في تقليل الأخطاء واستحضار الاجابات للاعتراضات التي ترد عليه من المناقشين ومن المشرف،
أما في مرحلة الكتابة ، فيجب التركيز على الدراسات السابقة، والمناقشة التي يجب ان يبذل فيها الباحث جهده، اما المقدمة ومنهجية البحث فهي مهمة أيضاً لكن أغلبها يكون شرح لما يجب أن يفعله الباحث ، مع أهمية التعليل لكل المراحل التي يقوم بها الباحث .
أما عرض النتائج فيجب أن تكون كما هي ، بدون دخل الباحث.
آمل ان اكون قد وقفت في الاجابة على التساؤل.
تحياتي
كلام جميل, جزاك الله خيرا على افادتنا
رائع يا ابو يزيد رائع ومبدع كما عوتنا
مميز
موضوع جميل ومميز …انبهكم بانه يوجد كتاب صدر حول هذه العنوان “التفكير النقدى” لصاحبه عمرو صالح يسن اصدرته الشبكه العربيه لابحاث والنشر …ارجو ا ان ينال اعجابكم
شكرا لكم