في هذا المقال سوف نسلط الضوء على واحد من أهم أنواع البحوث العلمية، ألا وهو البحث التجريبي (Experimental Research)؛ حيث سنتناول ماهية البحث التجريبي وكيفية تنفيذه وشروطه، وأنواع المجموعات المستخدمة في البحث، والصعوبات التي قد تواجه الباحث عند استخدام هذا النوع من البحوث.
اقرأ المزيد

استكمالا لسلسلة مقالاتنا حول أنواع البحث العلمي، نتناول في هذا المقال البحث الوصفي (Descriptive Research)، حيث سنتعرف على ماهيته وأهميته وخطوات إجرائه، كما أننا سوف نتطرق للحديث عن فوائد البحث الوصفي وسلبياته.

ماهية البحث الوصفي

يشير البحث الوصفي، أو البحث الإحصائي إلى أحد صور البحث العلمي الذي يقوم على التحليل والتفسير العلمي المنظم لوصف ظاهرة أو مشكلة بصورة كمية، وذلك من خلال جمع البيانات ذات العلاقة بتلك الظاهرة وتصنيفها وتحليلها واستخراج النتائج المتصلة بها. ويمكن أيضا تعريف البحث الوصفي بأنه مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها الباحث لوصف الظاهرة محل البحث، بالاعتماد على جمع البيانات والحقائق ومن ثم تحليلها بدقة بُغيَة استخلاص دلالتها والتوصل إلى نتائج يمكن تعميمها على مجتمع البحث. ومما يتسم به البحث الوصفي قدرته على الإجابة عن الأسئلة التي تبدأ بمَن وماذا ومتى وأين وكيف. وعلى الرغم من دقة البحث الوصفي إلا أنه لا يقدم تفسيرات عن الأسباب الكامنة وراء حدوث ظاهرة معينة، وإنما يستعرض معلومات وحقائق عن تلك الظاهرة والتي قد تكون على شكل نسب مئوية ومتوسطات حسابية وانحرافات معيارية وغيرها من المعلومات. وقد يلجأ الباحث إلى توظيف المنهج الوصفي في بحثه في حال أراد التوصل لفهم أعمق لظاهرة معينة؛ فقد يلاحظ الباحث أن هناك إقبال على شراء سلعة أو خدمة محددة، مما يدفعه إلى إجراء بحث وصفي يبحث من خلاله عن الأسباب التي تقف وراء تلك الظاهرة.
اقرأ المزيد

يُعَد البحث العلمي مطلباً رئيساً للنهوض بالمجتمعات وتطورها، من خلال ما يُسهِم به من نتائج وحلول لمختلف المشكلات التي تواجه المجتمعات. ولا يكاد مجال من مجالات الحياة يخلو من الحاجة الماسّة للبحث العلمي؛ سواء أكان ذلك صحيًا أو تعليميًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو غير ذلك. وتأسيسًا على ما تقدم، يمكن القول إن البحث العلمي هو مُتطلب سابق لا بد من تحقيقه من أجل تحقيق التقدم والرفاه والتطور في أي مجتمع بشري.

إن الناظر المتفحص إلى واقع المجتمعات المختلفة يمكن أن يلمس الفرق بين المجتمعات التي تُنزِل البحث العلمي المنزلة اللائقة به، وتلك المجتمعات التي تنظر إلى البحث العلمي على أنه أمر ثانوي أو مجرد ترف فكري؛ إذ يمكن ملاحظة أن المجتمعات التي تولي البحث العلمي اهتماما وعناية قد حققت انطلاقة قوية نحو التقدم والرقي في شتى المجالات؛ مما مكنها من أن تصبح مجتمعات قيادية تملك زمام أمورها. بينما تعاني المجتمعات الأخرى من التخلف والتبعية والتقليد. ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن البحث العلمي ليس خياراً مطروحاً للأخذ أو الرد، بل هو شرط جوهري وحيوي للابتكار والإبداع والتقدم.

ولعله من المناسب في هذا المُقام – وقبل الخوض في تفاصيل أنواع وخصائص البحث العلمي – أن نستعرض بعض التعريفات التي صاغها علماء ومفكرون لهذا المصطلح المهم. اقرأ المزيد

ذكرنا في مقال سابق أن البحث الاستكشافي هو نوع من أنواع البحوث العلمية التي تهدف إلى تكوين رؤية أولية حول مشكلة محددة تواجه الباحث؛ بحيث يمكن تحديد مدى الحاجة إلى بحوث إضافية في المستقبل. ويتمثل الهدف الرئيس من البحث الاستكشافي في تحديد المشكلة وتكوين الفروض. كما ذكرنا أن البحث الاستكشافي يمثل الخطوة الأولى من خطوات البحث العلمي؛ إذ أن الباحث يسعى إلى تحديد المشكلة بدقة، من خلال جمع البيانات ذات العلاقة بموضوع البحث. وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى بعض التفاصيل الأكثر عمقا حول هذا النوع من البحوث العلمية.

اقرأ المزيد

البحث المندمج Mixed Methodsتصميم استراتيجية ملائمة للدراسة أو البحث العلمي عملية صعبة نوعًا ما من الممكن أن تزداد صعوبتها بشكل كبير إذا ما قرر الباحث استخدام البحث المندمج (Mixed Methods) كون هذه الاستراتيجية أو الطريقة معقدة في الأساس لاحتوائها على أكثر من مرحلة وأسلوب أو كثر لجمع البيانات.
هذا وبالرغم من ظهور العديد من استراتيجيات البحث المندمج نظرًا لتعدد استخدامات استراتيجية البحث المندمج، يمكن القول بأن هنالك اعتبارات أو أسس مشتركة يمكن للباحث الانطلاق منها إذا ما أراد تصميم استراتيجية مناسبة للدراسة أو البحث العلمي. نستعرض في هذه المقالة أربعة اعتبارات أساسية ننصح الباحثين المهتمين بالانطلاق منها لتصميم استراتيجية البحث المندمج الملائمة لاحتياجاتهم.

لا يمكن القول بالضرورة بأن كل دراسة أو بحث علمي تناسبه استراتيجية واحدة فقط من استراتيجيات البحث المندمج نظرًا لتنوعها واختلاف استخداماتها واختلاف وجهات النظر بين مستخدميها والمؤلفين في هذا المجال، إلا أنه يفضّل التفكير مليًا قبل اختيار الاستراتيجية لتقليل الوقت الضائع واحتمالية الخطأ والبدء من أنسب وأقصر الطرق!

١) تصاميم البحث المندمج من الممكن أن تكون ثابتة (Fixed) أو مرنة/لاحقة (Emergent)

قبل الخوض في المزيد من التفاصيل حول التصاميم المختلفة و المعايير ذات العلاقة بتصميم البحث المندمج، من المهم الإشارة إلى أن تصميم البحث المندمج من الممكن أن يقرره و يجهزه الباحث بشكل كامل قبل البدء في الدراسة أو البحث العلمي، و في هذه الحالة، يضع الباحث خطته الكاملة ثم ينفذ مختلف مراحلها. في هذه الحالة، يكون التصميم الخاص بالدراسة ثابت لا يتغير أو يتأثر بنتائج أي من المراحل التي يمر بها الباحث في الدراسة أو البحث العلمي.

في حالة أخرى، قد يكون لدى الباحث تصوّر واضح حول المرحلة الأولى من دراسته لكن ليس لديه إلمام بعد بأفضل استراتيجية يمكنه اختيارها وتطبيقها في المراحل اللاحقة في دراسته أو أن المراحل اللاحقة ستتأثر بالإجابات التي سيحصل عليها الباحث في المرحلة الأولى ويقوم بتحليلها. لذلك، في هذه الحالة، نجد أن القرار غير واضح بعد فيما يتعلق بالمراحل المختلفة اللاحقة في تصميم البحث المندمج وقد تعتمد بشكل كبير على ما سينتج عن المرحلة الأولى في الدراسة أو ماسيخوضه الباحث من تجربة.

٢) تحديد الطريقة الملائمة للتفكير لاختيار تصميم البحث المندمج

تتعدد الآراء والتفسيرات فيما يتعلق بالطريقة التي من الممكن أن يتبعها الباحث لاختيار تصميم البحث المندمج المناسب لدراسته. بشكل عام، هنالك طريقتين يمكن اتباعها لاختيار تصميم المناسب، وينصح الباحث بالتعرف عليها واختيار الأنسب في نظره.

  • باستخدام التصنيف (Typology-based approach): تعتمد هذه الطريقة على تصنيف تصاميم البحث المندمج ومدى ملائمتها للدراسة والغرض منها والأسئلة الخاصة بالدراسة. هذه الطريقة لاختيار تصميم البحث المندمج هي الأكثر شيوعًا وانتشارًا في المراجع المختلفة الخاصة بالبحث المندمج وأدى انتشارها واستخدامها لظهور العديد من المنهجيات والدراسات التي سعت لتصنيف تصاميم واستراتيجيات البحث المندمج حسب المجالات ومبررات استخدام استراتيجيات البحث المندمج المختلفة داخل كل مجال.
  • الطرق الديناميكية (Dynamic approaches): على خلاف الطريقة الأولى والتي تقوم بتصنيف التصاميم حسب المجالات والاستخدامات العامة، تتبنى هذه الطريقة للتفكير في تصاميم البحث المندمج نهجًا منظمًا (Systematic Approach) يتم من خلاله دراسة عدد من المتغيرات في الدراسة والتي ينظر لها كمتغيرات متداخلة وبعد ذلك يتم التوصل لتصميم البحث المندمج المناسب. من المتغيرات التي يتم دراستها على سبيل المثال وهي مختلفة حسب المنهج المتبع:
    • غرض الدراسة.
    • الإطار النظري.
    • أسئلة البحث.
    • الأساليب واعتبارات الصدق (Validity).

أنصح الباحث المبتدئ بالاطلاع على استراتيجيات البحث المندمج التي تم تصنيفها (الطريقة الأولى Typology-based) في الكتب المتخصصة في البحث المندمج ومن ثم بحث مدى ملائمتها للدراسة.

أهداف البحث

٣) مطابقة تصميم البحث مع مشكلة البحث، الهدف من الدراسة، وأسئلة البحث

الهدف الأساسي من اختيار تصميم البحث في البحث العلمي بشكل عام هو الإجابة على أسئلة البحث وتحقيق أحد أو جميع أغراض البحث باستخدام الاستراتيجية المناسبة حسب الدراسة، المشكلة، ظروف الباحث ومايفضله، وغيرها من عوامل.

أحد العوامل المشتركة بين استراتيجيات أو تصاميم البحث المندمج المختلفة هي أنها تتمحور حول العوامل الأساسية التي تقود أو توجّه الدراسة: مشكلة الدراسة، الغرض من الدراسة، وأسئلة البحث. هنالك اتفاق بين العديد من الباحثين والمؤلفين حول أهمية هذه العوامل ودورها الأساسي في اختيار تصميم البحث المناسب. بالتالي، على الباحثين صياغة هذه العوامل الأساسية بشكل دقيق قبل المضي لمرحلة اختيار تصميم البحث ومن ثم التحقق من اختيار تصميم البحث الملائم لها. في بعض الأحيان، قد يكون هنالك حاجة لإعادة صياغة بعض هذه العوامل (كإعادة صياغة سؤال البحث أو أحد الأسئلة الفرعية) بشكل بسيط لتتوائم مع تصميم البحث المندمج الذي تم تحديده. أما إذا كانت إعادة الصياغة فيها تغييرات جوهرية، على الباحث الحذر فقد لا يكون التصميم الذي تم اختياره مناسبًا بعد التعديل!

٤) توضيح أسباب اختيار تصميم البحث المندمج

الدمج مابين أكثر من طريقة من طرق جمع البيانات عملية صعبة ومعقدة من المفترض ألا يتم تنفيذها إلا عند وجود مبررات واضحة للقيام بذلك. قد تكون لا تكون كافة المبررات واضحة للباحث في المراحل الأولي من الدراسة، لكن على الأقل، من المهم وجود مبرر أو سبب واحد أساسي للقيام بذلك. العديد من المؤلفين في مجال البحث المندمج استعرضوا مبررات مختلفة يمكن للباحث الاستفادة منها بشكل عام في الوصول لتصميم البحث المناسب لدراسته. مع ذلك، كون هذا المجال حديث، قد تظهر مبررات أخرى حسب احتياجات الباحث وتنوع مجالات الأبحاث.

عند اختيار استراتيجية البحث العلمي وعند اتخاذ أي قرار مهم في الدراسة، لابد أن يقوم الباحث بالتوضيح والتبرير لاختياراته وقراراته خصوصًا المهم منها. فلا أسوأ عند اتخاذ قرار مهم في الدراسة من عدم توضيح المبررات والدعائم وراء هذا القرار، وفي حالة عدم وجود أي مصادر أو دعائم منشورة، يمكن توضيح ومناقشة آلية اتخاذ القرار بشكل منطقي لتكون واضحة للقارئين من باحثين وغيرهم.

البحث المندمج يُعتبر مجالاً جديدًا في البحث العلمي حتى اليوم وعدم تبرير الباحث لاختياراته وقراراته قد يكون أكبر خطأ من الممكن أن يرتكبه لأنه سيسمح بذلك للآخرين بالانتقاص من عمله وقراراته التي ربما اتخذها بشكل عشوائي دون علم أو معرفة، فهو لم يوضحها! ذكرت في مقال سابق بعض مبررات استخدام تصميم البحث المندمج والتي يمكن الاستفادة منها والمبررات تختلف باختلاف مجالات البحث، الدراسة، الغرض من الدراسة، وأسئلة البحث.

 

هذه هي بعض الاعتبارات المهم الانتباه لها ومعرفتها قبل اختيار تصميم البحث المندمج، نتمنى أن تأخذها في الحسبان في دراستك العلمية القادمة، إذا كان البحث المندمج مناسبًا لها!
Designing and Conducting Mixed Methods Research

تحديد و اختيار موضوع البحث العلمي بدقة من أهم الأمور إذا لم يكن أهم موضوع في البحث العلمي، ذلك أن تحديد موضوع البحث العلمي بدقة منذ البداية يضمن بإذن الله بداية صحيحة و فعّالة للباحث في رحلة البحث العلمي. و يمكن للباحث بعد تحديد موضوع البحث العلمي بدقة التركيز مباشرة في العمل و القيام بكافة الخطوات التي تساعده في الإستمرار في الدراسة أو البحث العلمي.

في المقابل، عدم تحديد موضوع البحث العلمي بدقة غالباً ما يعني أن الباحث سيقضي الكثير من وقته في البحث و قراءة المصادر هنا و هناك على أمل أن تتضح الصورة له و يعرف فيم يركز في البحث العلمي، و هذا قد يضيّع الكثير من الوقت، الجهد، و الحماس الذي قد يكون لدى الباحث.

فجوة البحث العلمي (Research Gap)

فجوة البحث العلمي (Research Gap) هي مشكلة لم يوجد لها حل بعد أو منطقة لم يتم بعد استكشافها و دراستها في مجال البحث العلمي. تجاوز بعض مراحل الدراسات العليا (كالدكتوراة مثلاً) يستلزم قيام الباحث بشئ غير مكرر و الخروج بنتائج جديدة لم يُسبق الوصول إليها.

و للوصول لنتائج جديدة غير مسبوقة، لابد من تحديد الفجوة في مجال البحث العلمي و التي سيقوم الباحث باستهدافها و محاولة تقليل هذه الفجوة أو سدّها بالكامل و ذلك من خلال إيجاد حل للمشكلة (إذا كانت مشكلة قائمة) أو إقتراح شئ جديد، بحيث يساهم عمل الباحث هذا أخيراً في إثراء مجال البحث العلمي بشئ غير مسبوق. اقرأ المزيد

البحث المندمج Mixed Methodsتعرّفنا سابقاً على أحد مناهج البحث العلمي الا وهو منهج البحث المندمج/المختلط (Mixed Methods) و استعرضنا في نفس المقالة ستة مبررات لاستخدام البحث المندمج/المختلط (Mixed Methods). بالإضافة لذلك، استعرضنا في مقال لاحق أبرز الاستخدامات للبحث المندمج، حيث كان لتلك الاستخدامات التأثير الأكبر في ظهور ستة استراتيجيات أو تصاميم  للبحث المندمج/المختلط (Mixed Methods) تعتبر الأكثر استخداماً بين الباحثين في المجال. نستعرض هذه الستة تصاميم للبحث المندمج/المختلط و نناقشها معكم في هذه المقالة، لمساعدة الباحث في التعرّف على التصميم المناسب له و الذي يمكن أن يستخدمه في البحث العلمي أو يبني عليه دراسته.

استراتيجيات أو تصاميم البحث المندمج/المختلط (Mixed Methods) الأساسية

هنالك ستة استراتيجية معروفة للبحث المندمج و تُعتبر الأكثر استخداماً من قبل الباحثين. هذه الاستراتيجيات ليست الوحيدة، حيث أنه من المتوقع مع زيادة استخدام البحث المندمج أن تبرز استراتيجيات إضافية حسب مشاكل البحث العلمي المختلفة و حاجة الباحث مستقبلاً.

على الباحث الأخذ في الإعتبار، البحث عن، و حتى إقتراح استراتيجية البحث المندمج إذا لم تكن الاستراتيجيات الأساسية كافية للإجابة على أسئلة البحث التي لديه أو كافية لحل مشكلة البحث.

التصميم التفسيري المتتابع (Explanatory Sequential Design)

و هي تعتمد على جمع بيانات البحث الكمية (Quantitative) و تحليلها في المرحلة الاولى من جمع البيانات يليها جمع البيانات النوعية/الكيفية (Qualitative) و تحليلها في مرحلة ثانية.

هذه الاستراتيجية تتميز بسلاستها و لكنها تتطلب من الباحث وقت اطول لاتمام مرحلة جمع البيانات (Data Collection).

التصميم الاستكشافي المتتابع (Exploratory Sequential Design)

هذه الاستراتيجية تعتمد على جمع و تحليل البيانات النوعية (Qualitative) أولاً ثم الانتقال الى عملية جمع و تحليل البيانات الكمية (Quantitative).

تُنتقد هذه الاستراتيجية أيضاً بطول الفترة الزمنية المتطلبة لأنهاء عملية جمع البيانات.

 تصميم التثليث المتزامن (The Concurrent Triangulation)

هذه الأستراتيجية تعتبر  الأكثر شيوعا بين الباحثين/الباحثات وتتعتمد على جمع البيانات الكمية (Quantitative) و النوعية (Qualitative) في مرحلة واحدة. يتبع ذلك، مرحلة مقارنة النتائج النوعية مع الكمية و ما إذا كانت النتائج الكمية تتناغم مع النتائج النوعية.

كغيرها، هذه الاستراتيجية تتطلب مهارة عالية من قبل الباحث بالإضافة الى الحرص على جمع معلومات إضافية لتغطية أي نقص أو خطأ قد يُكتشف في مرحلة تحليل البيانات.

التصميم المتضمّن المتزامن (Concurrent Embedded Design)

تعتمد هذه الأستراتيجية على جمع البيانات باستخدام المنهج الكمي (Quantitative) و النوعي (Qualitative) في مرحلة واحدة مع التركيز بالشكل الأساسي على احداهما في جمع بيانات البحث العلمي و إعطاء المنهج أو الطريقة الأساسية أهمية و وزن أكبر. أما الطريقة الأخرى أو الثانوية و التي يتم تطبيقها في نفس الوقت مع الطريقة السابقة، فتكون أقل أهمية و قد تستخدم مثلاً للإجابة على سؤال بحث مختلف أو دراسة جزئية أخرى في الدراسة.

تطبيق هذه الأستراتيجية يساعد في جمع بيانات بحثية نوعية، مثلا للإجابة على أحد اسئلة البحث، و جمع بيانات بحثية كمية للإجابة على أسئلة بحثية أخرى. في هذه الاستراتيجية، لايقوم الباحث بمقارنة نتائج البحث الكمية و النوعية و لكن يقوم بتحليلها بشكل منفصل. أيضاً، قد يقوم الباحث بمناقشة النتائج من الطريقتين في قسم النقاش (Discussion) أو غيره.

الجدير بالذكر أنه على الرغم من جاذبية هذه الاستراتيجية للكثير من الباحثين لما فيها من خصائص، مثل عدم التقيّد أو التركيز على المنهجين الكمي و النوعي معاً أثناء جمع البيانات، و أيضاً، عدم وجود حاجة لإيجاد تداخل ما بين نتائج التحليل بالإضافة إلى كون جمع البيانات لا يتم على مراحل بل في نفس الوقت، مع ذلك، يُعاب على هذه الاستراتيجية أنها  قد ينتج عنها نتائج بحثية غير متوازنة خصوصاً إذا ما أراد الباحث إجراء أي مقارنات نظراً لاختلاف أهداف كل مرحلة غالباً و كون أحد طرق جمع البيانات لها أهمية أكبر. أيضاً، للاستفادة المثلى من البيانات المختلفة التي يجمعها الباحث في دراسته باستخدام هذا التصميم، قد يكون هنالك حاجة لتحويل البيانات (Transform) أو تغييرها لتكون كافة البيانات متوافقة أو متناسبة أثناء عرضها عند التحليل.

التصميم التحولي المتتابع (Sequential Transformative Design)

و تعتمد على وضع نظرية بحثية لها علاقة بموضوع البحث (مثلا الجنس، أو العرق) أو تعتمد على أسئلة بحث المفترض أن يجيب عليها الباحث. و هنا لابد من أن نتذكّر ميزة هذه الأستراتيجية، الا و هي عدم التقيّد بأي تتابع في عملية جمع البيانات الكمية (Quantitative) أو النوعية (Qualitative).

من أكثر معوقات استخدام هذه الأستراتيجية أن ما كتب عنها قليل و يكاد يكون معدوماً، مما قد يتسبب في وقوع الباحث في الأخطاء بعد تبني هذه الاستراتيجية و أثناء عملية جمع البيانات.

التصميم التحولي المتزامن (Concurrent Transformative Design)

هذه الاستراتيجية تعتمد على استخدام نظرية بحثية بالإضافة الى تطبيق استخدام المنهجين الكمي و النوعي لجمع البيانات معاً في نفس المرحلة. في هذا التصميم، يمكن أن يكون للمناهج المستخدمة نفس القدر من الأهمية أو قد يكون لأحدهما أهمية أكبر.

هذه الاستراتيجية تشترك مع تصميم التثليث المتزامن و التصميم المتضمّن المتزامن في مزايا و عيوب التطبيق، إلا أنها تتفوق عليهم في كونها لديها ميزة إضافية تتميز بها عنهم في كون هذا التصميم يتيح للباحثين تضمين و الاستفادة من تصاميم البحث المندمج/المختلط في النظريات أو الإطارات التحويلية (Transformative Framework).

اعتبارات مهمة قبل البدء: التخطيط و إدارة الوقت بفاعلية ضروريان للنجاح

هنالك بعض الاعتبارات المهمة التي على الباحث التفكير بها قبل البدء، نستعرض هنا بعضها و سنفصل فيها أكثر في مقال لاحق بإذن الله:

  • الفترة المحددة لجمع البيانات: لا بد من تحديد مدة كافية لجمع البيانات الكمية أو النوعية على مرحلتين أو أكثر حسب تصميم البحث الذي سوف يتبناه الباحث.
  • مدى إمكانية تعميم نتائج البحث: على الباحث التفكير ووضع أولوية لأحد مناهج البحث (الكمي أو النوعي) و هذا يعتمد على اهتمام و خبرة الباحث و أيضاً، و هو الأهم، أهداف البحث العلمي.
  • على الباحث أن يتمتع بالمرونة الكافية لتطبيق التوازن الكافي لتطبيق منهجية البحث الذي قام باختيارها بحيث لا يكون هنالك تقصير في أي من مراحل البحث.

على سبيل المثال، إذا كان الباحث في رحلة علمية لجمع البيانات لمدة ثلاثة اشهر، تعتبر هذه المدة غير كافية غالباً لجمع المعطيات البحثية النوعية أو الكمية و تحليلها و الانتقال للمرحلة التالية. هنا، قد يحتاج الباحث أن يستغل مدة الرحلة العلمية لجمع البيانات كاملة فقط، و من ثم، يتم التفرغ لتحليلها.

هذا ما قمت بتطبيقه في بحثي سابقاً أثناء مرحلة الدكتوراة، حيث طبقت منهج البحث المختلط/المندمج و تطبيق الاستراتيجية التفسيرية المتتابعة لجمع البيانات الكمية (Quantitative) و النوعية (Qualitative). و لقصر مرحلة الرحله العلمية التي أجريتها في السعودية، قمت بجمع كافة البياانات الكمية في مرحلة أولى ثم قمت بجمع البيانات النوعية. بعد ذلك، قمت بتحليل المعطيات بعد عودتي إلى بريطانيا لإكمال دراستي. عملية التحليل هذه عادةً ما تستغرق مدة ليست بقصيرة.

  • Chen , Y. L. (2009). Mixed-methods study of EFL teachers’ Internet use in language instructions. Teaching and Teachers Educations, 24(4),pp.1015-1028.
  • Creswell, J. W. (2009). Research Design Qualitative, Quantitative and Mixed Methods Approaches (Third ed.) California: Sage.

البحث المندمج Mixed Methodsتعرفنا في مقال سابق على منهج البحث المندمج (Mixed Methods) و على ستة مبررات عامة لاستخدام البحث المندمج (Mixed Methods) في البحث العلمي.
في هذه المقالة، نتابع نقاشنا حول البحث المندمج باستعراض أبرز الاستخدامات في البحث العلمي لمنهج البحث المندمج (Mixed Methods)، و التي بناءاً عليها ظهرت استراتيجيات مختلفة للبحث المندمج، يتبعها و يطبقها الكثير من الباحثين اليوم.

الباحث تقع على عاتقه عملية تصميم البحث العلمي بحيث يقوم باختيار منهج البحث العلمي و أيضاً الاستراتيجية المناسبة التابعة لهذا المنهج الذي يرغب في استخدامه.
البحث المندمج كمنهج بحث تندرج تحته العديد من الاستراتيجات المختلفة التي يمكن اتباعها من قبل الباحث، لذلك على الباحث البحث و التحري و اختيار ما يناسبه و يناسب البحث العلمي واضعاً في الحسبان ضرورة التبرير و توضيح اختياراته و قراراته أيضاً!

سنناقش و نضرب أمثلة على بعض هذه الاستراتيجيات في مقال لاحق إن شاء الله، لكن، نناقش هنا الأسباب التي أدت لتصميم الاستراتيجيات المختلفة في البحث المندمج.

استخدامات أساسية وراء ظهور الإستراتيجيات المندمجة أو تصاميم البحث المندمج (Mixed Methods Designs)

قبل ظهور البحث المندمج و الاستراتيجيات المندمجة (استراتيجيات البحث المندمج)، كان الكثير من الباحثين يستخدمون مصطلح التثليث (Triangulation) في دراساتهم، و هو جمع البيانات بأكثر من طريقة. كان و لا يزال إستخدام التثليث يُنصح به في الكثير من الحالات للتأكد من صحة نتائج الدراسة و تعزيزها. أما بعد ظهور البحث المندمج و الاستراتيجيات المندمجة، يتضح لنا أن التثليث هو في الحقيقة استخدام من استخدامات البحث المندمج.

عند البحث و القراءة في مختلف المصادر المتعلقة بالإستراتيجيات المندمجة، يتضح لنا أنه هنالك استراتيجيات أو تصاميم عديدة للبحث المندمج. هذه الاستراتيجيات المختلفة تسعى لتحقيق أغراض مختلفة، و بالتالي، لهذه الاستراتيجيات استخدامات مختلفة، حسب طبيعة البحث و ما يحتاج إليه الباحث.

هذا بالطبع لا يعني أنها الاستخدامات الوحيدة، لأنه على الأغلب، مع تطور البحث و مع التعمق في هذا المجال، ستتضح و تبرز استخدامات أخرى تخدم أهداف مختلفة. أيضاً، تقسيم الاستخدامات نفسها و تصنيفها قد يختلف ما بين كاتب لآخر.

التثليت (Triangulation)

و يطلق عليه أيضا (Cross Examination): إستخدام أكثر من أداة أو طريقة لجمع البيانات و تحليل نفس الظاهرة/الظواهر بهدف التحقق أو التأكد من صحة النتائج في الدراسة بالإضافة إلى أنها تساهم في تقليل التحيز (Bias) الذي قد تسببه طريقة أو أداة جمع البيانات. الغاية هنا رفع مستوى الثقة في النتائج من خلال جمع البيانات بأكثر من طريقة للنظر إذا ماكانت البيانات التي تم جمعها بأكثر من طريقة تؤدي لنفس النتائج و تعزز أو تؤيّد بعضها البعض أم لا.

مُكمّل (Complementary)

تفصيل، تحسين، و توضيح النتائج التي تم الحصول عليها بأحد طرق البحث المستخدمة من خلال تفسير نتائج تم الحصول عليها بعد استخدام طريقة أخرى من طرق البحث. على سبيل المثال، يمكن الإستفادة من إجابات بعض الطلاب على المقابلات الشخصية التي أجريت معهم لتوضيح نتائج تم الحصول عليها من خلال تحليل بيانات استبيان تم توزيعه عليهم سابقاً. يتضح إذاً هنا أن الهدف هو الحصول على تفسير أفضل و أوضح لنتيجة تم الحصول عليها سابقاً باستخدام طريقة بحث أخرى.

التطوير (Development)

استخدام أكثر من أداة أو طريقة لجمع البيانات مع الإستفادة من النتائج التي يحصل عليها الباحث في المرحلة الأولى في بناء أو تطوير طريقة أو أسلوب بحث آخر قد يستخدمه الباحث لاحقاً. التطوير المقصود به هنا عام و يشمل على سبيل المثال: اختبار العينة و طريقة الحصول عليها و اختبار، تطوير، و تقنين أداة البحث و الأسئلة أو المقاييس المستخدمة فيها.

الإبتداء أو الإستهلال (Initiation)

الهدف الأساسي هنا هو استكشاف معلومات، طرق، أساليب، أو أُطر جديدة، غير متوقعة، أو مناقضة لتلك الموجودة حاليا، و ذلك من خلال إعادة صياغة الأسئلة و النتائج من أداة أو أسلوب معين ليتم إختبارها بطريقة جديدة مختلفة.

التوسّع (Expansion)

توسيع نطاق و مدى طريقة و أسلوب البحث أو التحقق (Inquiry) المستخدمة و ذلك باستخدام أساليب مختلفة و متنوعة تساهم في فهم أجزاء أو عناصر من الظاهرة أو الموضوع تحت الدراسة.

 

في مقال لاحق إن شاء الله، سنتعرف أكثر على أسس تصميم استراتيجيات البحث المندمج، معايير تصميم استراتيجية البحث المندمج، و أيضاً على عدد من التصاميم الأساسية المعروفة في البحث المندمج.

  • Designing and Conducting Mixed Methods Research (2011)