عند التحدث عن استراتيجية البحث و الطريقة أو الخطوات التي سيتم من خلالها التدرج إبتداءاً من الغرض من الدراسة أو أسئلة البحث و صولا إلى تحقيق هدف أو أهداف البحث، غالبا ما نسمع عن الأسلوبين: Deductive و Inductive.
هذه الأسلوبين أو الطريقتين يمكن تبنيها في الدراسة أو البحث بغرض التدرج منطقيا في عرض الدراسة و خطواتها ثم نتائجها بشكل يمكن من خلاله إقناع القارئ أو المهتم بالدراسة بشكل منطقي بالخطوات التي تم إتباعها من قبل الباحث للوصول إلى النتائج التي توصل إليها.
ذلك أنه في حالة عدم وجود تسلسل منطقي للخطوات و عرض واضح مقنع ليس فقط لنتائج الدراسة بل الخطوات التي تم إتباعها، فإنه من الصعب جدا على القارئ أن يقتنع. تخيل معي على سبيل المثال إن قرأت دراسة لم يذكر فيها إلا أهدافها و نتائجها فقط دون أدنى ذكر لأي من الخطوات أو طرق جمع البيانات أو التجارب أو غيرها، هل ستصدق نتائج هذه الدراسة مباشرة و هل ستثق فيها؟ بالتأكيد لا!
الأسلوبين المذكورة أعلاه توضح نوع العلاقة بين النظرية (Theory) و بين البحث (Research)، و بشكل أكثر وضوحا كون:
- النظرية هي التي تحكم أو توجِّه طريقة البحث و إتجاهه (Deductive).
- النظرية تكون أحد مخرجات البحث أو الدراسة، بمعنى، يتم التوصل إلى نظرية ما في النهاية بعد إجراء البحث أو الدراسة (Inductive).
دعونا نستعرض هذه الأسلوبين في التدرج المنطقي بشئ من التفصيل.
Deductive
في هذا الأسلوب، يكون هنالك تدرّج من الشئ العام (General) إلى الشئ المخصص أو المحدد (More specific). و يطلق على هذا الأسلوب أحيانا أسلوب من الأعلى للأسفل (Top-down Approach).
طبيعة هذا الأسلوب منغلق أو محدد (غير إستكشافي) بعض الشئ و الهدف منه هو إختبار و تأكيد بعض الفرضيات.
يبدأ الباحث في هذا الأسلوب بفكرة أو نظرية عامة لموضوع ما. بعد ذلك، يتم صياغة فرضيات ما ليتم اختبارها. بعد ذلك، يكون هنالك جمع للبيانات في الجوانب التي تتعلق بالفرضيات. بهذه الطريقة، سوف يكون هنالك إمكانية لإختبار الفرضيات التي تم الوصول إليها في ضوء البيانات التي تم جمعها و في النهاية، سيساعد ذلك في معرفة إذا ما كانت الأفكار أو النظريات الأساسية، و التي قمنا باختبار فرضياتها هي صحيحة أو لا.
Inductive
على عكس الأسلوب أو الطريقة السابقة، يكون هنالك تدرّج من الشئ المخصص أو المحدد (More Specific) إلى الشئ العام (General). و يمكن فهم هذا الأسلوب في كونه يتم من خلاله إجراء دراسات الهدف منها الإنتقال و تعميم الحالات الخاصة المحددة إلى نظريات و أفكار عامة أو موسعة (Generalizations). و يطلق على هذا الأسلوب أحيانا أسلوب من الأسفل للأعلى (Bottom up Approach).
طبيعة هذا الأسلوب منفتحة بعض الشئ و إستطلاعية أو إستكشافية، خصوصا في المراحل الأولى.
يبدأ الباحث عند إتباعه لهذا الأسلوب بالإنطلاق و بدء دراسته مبتدئا من حالة أو ملاحظة خاصة لها مؤشرات معينة أو قياسات أو بيانات خاصة بها. يحاول الباحث بعد ذلك دراسة هذه البيانات التي لديه لإيجاد أي من الأنماط المتكررة (Patterns). بعد ذلك، يتم صياغة فرضيات مؤقتة بغرض إستكشافها و دراستها، ثم بعد ذلك، يصل الباحث إلى الخطوة الأخيرة و هي الوصول إلى إستنتاجات عامة و تطوير نظريات عامة.
مثال: عالم يريد دراسة حالة مرضية غير موجودة إلا لدى القليل من المرضى بهدف التوصل إلى حالات مشابهة (تكرارات Patterns) ثم صياغة فرضيات مؤقتة للتأكد منها، ثم في النهاية، وصولا إلى نظرية أو فكرة عامة توضح مسببات المرض مثلا أو معلومات عامة تنطبق على جميع الحالات المشابهة.
– Research Methods Knowledge Base
– BRYMAN, A. (2008). Social research methods. Oxford, Oxford University Press.
أحدث التعليقات