بعد حضوري مؤخرا لورشة عمل متخصصة في كتابة البحث العلمي و نشره، و إستمتاعي بما جرى من نقاش بين أفراد المجموعات المختلفة و كيف أننا استطعنا مناقشة بعض الأساليب البحثية و الطرق، بل و حتى الأفكار البحثية و تطويرها، وددت أن أكتب عن أهمية النقاش و مشاركة الخبرات، خصوصا للباحثين.
أحد السلبيات التي ربما سببها تراكم خبرات الآخرين السلبية و المنتشرة كثيرا في وطننا العربي هي مسألة عدم مشاركة الآخرين في الأفكار، سواءً كانت أفكار ربحية، بحثية أو غيرها، و السبب الواضح هو حتى لا يسبقك آخرين، أو حتى من تشارك معه هذه المعلومة في القيام بها! و تجد أن هذا منتشر باختلاف المستويات أو التخصصات. و قد تجده أيضا منتشراً في بعض الجهات أيضا، فتجد بعض الإدارات تسعى لمعرفة أسرار الإدارات المنافسة، و كل هذا بلا شك يولد ما قد يسمى بالمنافسة السلبية أو غير الإيجابية.
حتى في البحث العلمي، قد تجد الكثيرين ممن لا يرغبون في مشاركتك أي شئ حول عملهم أو بحثهم، و هو من حقهم، فالخيار لهم، إلا أنهم بذلك، قد يفوتوا على نفسهم فرصة كبيرة في الإحتكاك بالآخرين و الإستفادة من خبراتهم و إقتراحاتهم، خصوصا إذا ما كانوا أنفسهم مبتدئون في البحث العلمي و يجهلون الكثير عنه، كطلاب الماجستير و الدكتوراة مثلا. لذلك إذا كنت مبتدئا في البحث العلمي، لا تكن من هؤلاء! بل كن بين و بين!
إذا ما أخذنا مرحلة الدكتوراة كمثال، فمن الطبيعي جداً أن يحس باحث الدكتوراة ببعض العزلة. فطبيعة عمله على الأغلب أنه يقرأ العديد من الكتب في المكتبة أو المنزل. أضف إلى ذلك إلى أنه كل ما كان متخصصا بشكل أكبر في موضوع ما، قل عدد الأشخاص الذين من الممكن أن يتناقش معهم في هذا الموضوع المتخصص.
بغض النظر عن مدى تخصص الموضوع من عدمه فإنه في العديد من الأحيان، غالبا ما تكون هنالك تشابهات كثيرة فيما يتعلق بأساليب البحث العلمي المتبعة أو طرق جمع البيانات و تحليلها، إن لم تكن هي نفسها المتبعة في تخصصات أو دراسات أخرى. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن هنالك إختبارات إحصائية معينة غالبا ما يتم إستخدامها عند الرغبة في دراسة صحة العلاقات المقترحة في نموذج (Model) ما.
هذه التشابهات أو وجود نوع من التقارب يبن الأساليب و الطرق بين البحث الذي تعمل عليه و البحث الذي يعمل عليه الآخرون تمثل فرصة مناسبة جدا لمناقشتهم و معرفة إقتراحاتهم، و حتى في بعض الأحيان، الوصول من خلال النقاش إلى طرق أفضل يمكن إتباعها من تلك التي كنت ستتبعها أو كان الطرف الآخر سيتبعها. بالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه النقاشات متنفس للباحث يساهم في إبعاده عن العزلة التي قد يكون فيها بسبب تخصصه أو عدم مناقشته مع الآخرين.
الهدف من هذا الموضوع؟ كن إيجابيا و بادر!
- بغض النظر عن موضوعك أو فكرتك و مدى علاقتها بالطرف الآخر من عدمها، و بغض النظر عما إذا كان الطرف الآخر أهل للثقة أم لا، قم بمشاركة هذه الأفكار أو الأساليب و الطرق معه فأنت لن تخسر شيئا، فجميع هذه الطرق و الأساليب منشورة و مكتوبة في كتب و مجلات، الخ…
- كن إيجابيا منصتا معه حينما يتحدث و وضّح له أي تساؤلات أو إقتراحات لديك، و التي من الممكن أن تساهم في تحسين العمل الذي يقوم به، و على الأغلب، سيبادلك الطرف الآخر نفس الشئ، و سيساعدك من خلال إقتراح بعض الطرق أو الوسائل المختلفة.
- لا تستصغر من نفسك أو ما لديك من خبرة حتى و إن كنت مبتدئا (طالب دكتوراة في السنة الأولى مثلا!)، ففي كثير من الأحيان، قد تكون أنت متخصصا أو لديك إلمام بجوانب ما لا يعلم عنها الطرف الآخر. فعلى سبيل المثال، و من خلال خبرتي الشخصية، وجدت أن نقاشي مع بعض من الباحثين الذين لي علاقة بهم داخل الجامعة ساهم في إثراء معلوماتهم خصوصا فيما يتعلق بالجوانب و الأدوات التقنية و استخدامتها المختلفة لخدمة البحث العلمي.
- في حالة لم يبادلك الطرف الآخر بطرح الأراء و الأفكار قد يكون ذلك لعدم إلمامه و عدم رغبته في إقتراح شئ ليس متأكداً منه!
- أحسن النية، و هي مشاركة و نشر العلم! و لا تنسى أن أجر نشر العلم عظيم.
أحدث التعليقات