كافة المواضيع و الأقسام المتعلقة بالبحث العلمي

يُعَد البحث العلمي مطلباً رئيساً للنهوض بالمجتمعات وتطورها، من خلال ما يُسهِم به من نتائج وحلول لمختلف المشكلات التي تواجه المجتمعات. ولا يكاد مجال من مجالات الحياة يخلو من الحاجة الماسّة للبحث العلمي؛ سواء أكان ذلك صحيًا أو تعليميًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو غير ذلك. وتأسيسًا على ما تقدم، يمكن القول إن البحث العلمي هو مُتطلب سابق لا بد من تحقيقه من أجل تحقيق التقدم والرفاه والتطور في أي مجتمع بشري.

إن الناظر المتفحص إلى واقع المجتمعات المختلفة يمكن أن يلمس الفرق بين المجتمعات التي تُنزِل البحث العلمي المنزلة اللائقة به، وتلك المجتمعات التي تنظر إلى البحث العلمي على أنه أمر ثانوي أو مجرد ترف فكري؛ إذ يمكن ملاحظة أن المجتمعات التي تولي البحث العلمي اهتماما وعناية قد حققت انطلاقة قوية نحو التقدم والرقي في شتى المجالات؛ مما مكنها من أن تصبح مجتمعات قيادية تملك زمام أمورها. بينما تعاني المجتمعات الأخرى من التخلف والتبعية والتقليد. ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن البحث العلمي ليس خياراً مطروحاً للأخذ أو الرد، بل هو شرط جوهري وحيوي للابتكار والإبداع والتقدم.

ولعله من المناسب في هذا المُقام – وقبل الخوض في تفاصيل أنواع وخصائص البحث العلمي – أن نستعرض بعض التعريفات التي صاغها علماء ومفكرون لهذا المصطلح المهم. اقرأ المزيد

ذكرنا في مقال سابق أن البحث الاستكشافي هو نوع من أنواع البحوث العلمية التي تهدف إلى تكوين رؤية أولية حول مشكلة محددة تواجه الباحث؛ بحيث يمكن تحديد مدى الحاجة إلى بحوث إضافية في المستقبل. ويتمثل الهدف الرئيس من البحث الاستكشافي في تحديد المشكلة وتكوين الفروض. كما ذكرنا أن البحث الاستكشافي يمثل الخطوة الأولى من خطوات البحث العلمي؛ إذ أن الباحث يسعى إلى تحديد المشكلة بدقة، من خلال جمع البيانات ذات العلاقة بموضوع البحث. وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى بعض التفاصيل الأكثر عمقا حول هذا النوع من البحوث العلمية.

اقرأ المزيد

بطريقة أخرى، فإن البحث العلمي يتدرّج من المقاربة النظرية التي قد تتبناها أي دراسة علمية، مرورًا بالمنهجية، ومن ثم المنهج، فتقنية البحث، وصولًا إلى الأدوات البحثية.

وقد اختلف المنظّرون واختصاصي البحث العلمي في تسميات المناهج العلمية كما في المصطلحات البحثية بحد ذاتها. فقد صنّف البعض مناهج البحث في ثلاثة مناهج؛ النوعي والكمي والمختلط، أو في بحث استقرائي وآخر استدلالي. أمّا عربيًا، فالتسميات تتعدّد وتتشتّت بشكل مثير للجدل أكان في تسميات المناهج (المنهج الوصفي والمنهج الوصفي التحليلي، ومنهج تحليل المضمون، والمنهج المقارن، والمنهج المسحي، ومنهج دراسة الحالة، والمنهج الإحصائي…) أم في مصطلحات البحث العلمي (منهج ومنهجية، ومشكلة واشكالية، وتقنية تحليل البيانات وأدوات التحليل، وصولًا إلى المتغيّرات والمؤشرات والمبينات البحثية…).

البحث العلمي ليس وجهة نظر للبعض ضد البعض الآخر، البحث العلمي يحكمه منطق وتحليل وتبرير. وكل باحث هو مسؤول عن سلامة المنطق فضلًا عن مسؤوليته في التجديد البحثي المستمر.

الغرض من فصل المناقشة هو وصف أهمية النتائج التي توصل لها البحث وشرحها وتفسيرها. وغالباً ما يعتبر هذا القسم أهمّ جزء في بحثك العلمي لأنه المكان الذي يمكنك فيه تسليط الضوء على أهمية دراستك ودورها في سد الفجوات البحثية الموجودة في مجال بحثك. إن فصل المناقشة هو المكان الذي يُظهر قدراتك كباحث على التفكير النقدي وتفسير النتائج التي توصلت إليها وطرح الحلول الإبداعية للمشكلة البحثية بناءً على نتائج بحثك وربطها بما سبق من أعمالٍ للآخرين.

في مقالة سابقة شرحتُ كيفية كتابة فصل النتائج وماذا يجب أن يتضمن هذا الفصل، وفي هذه المقالة سأشرح طريقة كتابة فصل المناقشة وماذا يجب أن يتضمن وأتطرق لعدد من النصائح المهمة.


مقترح لهيكلة وتنظيم فصل المناقشة

  1. المقدمة: وتتضمن ذكر الهدف العام للبحث، وطريقة ترتيب الفصل هل سيرتبه الباحث بنفس طريقة ترتيب فصل النتائج؟ أم سيرتبه بناءً على عناوين أخرى Themes مستمدة من النتائج؟ أو سيرتبه بطريقة أخرى؟ كما تتضمن المقدمة إعادة التأكيد بشكل سريع ومختصر على النتائج الرئيسية للبحث وعادة تكون في فقرة واحدة.
  2. العنوان: البدء بكتابة العنوان ثم التذكير بجملة واحدة بالنتيجة التي يتم تناولها تحت هذا العنوان ثم البدء بتفسيرها. في تفسير النتيجة فكر بمناقشتك كهرم مقلوب حيث يكون تنظيم المناقشة من العام إلى الخاص ثم ربط النتائج الخاصة بك بالدراسات السابقة والنظريات. وأثناء الكتابة تخيل أنك تقود القارئ خطوة بخطوة إلى تفسير المعنى الرائع الكامن خلف النتيجة التي توصلت إليها ولماذا هي مهمة.
  3. الربط بالدراسات السابقة: إن هدف استخدام الدراسات السابقة قد يكون لأجل دعم نتيجة بحثك التي طابقت نتيجة فلان وهذا فيه قوة لبحثك، وقد يكون لأجل مقارنة نتائج بحثك ببحث علان التي جاءت نتائجه مخالفة لنتائجك أو ربما لم تتشابه وهذا مكمن قوة لبحثك أيضاً حيث تظهر قدراتك في التفكير الناقد والربط بين دراستك ودراسات الآخرين وأسباب التشابه والاختلاف وتفسيرك لذلك بناءً على ثقافتك وخبرتك وبناءً على اختلاف أدوات البحث واختلاف العينات وخلفياتهم الثقافية، العلمية والاجتماعية وغيرها.
    وهذا أمر مهم لأن مقارنة نتائج دراسات أخرى بنتائج بحثك يساعد على دعم الأهمية العامة لنتائجك، كما يسلط الضوء على كيفية اختلاف دراستك عن الأبحاث الأخرى. أدناه مثال للربط بالدراسات السابقة من بحث (العبد الكريم والملا، ٢٠١٤) علماً أن البحث اعتمد طريقة الدمج بين كتابة النتائج والمناقشة في سرد واحد.
  4. الربط بالنطريات: ربط نتائج بحثك مع النظريات وهذا يعطي قوة للبحث ويبرز قدرات الباحث في التفكير النقدي وسعة الثقافة والاطلاع. وقد يكون تفسيرك لنتائج البحث بناءً على نظرية موجودة في مجال البحث أو بدلاً من ذلك قد تكون لنتائج بحثك آثار على استحداث نظرية جديدة في المجال (بحوث النظرية المجذرة).
  5. الملخص: كتابة الملخص لفصل المناقشة حيث يقدم الباحث شرحاً موجزاً عن سبب اعتقاده بأن نتائج دراسته مهمة ويوضح كيفية مساهمتها في بناء المعرفة أو كيفية تقديمها لفهم أوسع لمشكلة البحث. وبالإمكان ذكر القيود والتوصيات لدراسات أخرى هنا أو في فصل الخاتمة ولكن ينبغي ألا تُكرر في الفصلين. ويغلب في البحوث الكمية أن تُكتب القيود والتوصيات في فصل المناقشة، أما البحوث النوعية فتُكتب في الخاتمة.

نصائح مهمة

في فصل المناقشة ينبغي الاهتمام بالأمور التالية:

  • الإيجاز فلا تضيع الوقت في إعادة صياغة النتائج، فقط قم بالتذكير بالنتيجة التي تريد مناقشتها ثم انتقل إلى شرحها فوراً.
  • لا تكتب فصلين لعرض النتائج! فمن أكثر الأخطاء شيوعاً في فصل المناقشة تقديم تفسير سطحي للنتائج وكأنها إعادة لنفس معلومات فصل النتائج. تذكّر أن فصل المناقشة يركز على تفسير تلك النتائج وأهميتها وليس سرد النتائج نفسها.
  • احذر من تقديم نتائج جديدة في فصل المناقشة لأن مكان عرض النتائج هو في فصل النتائج. أما إذا اخترت الجمع بين قسم النتائج وقسم المناقشة في فصل ​​واحد فيجب أن تكون واضحاً في طريقة كتابة عرض النتيجة وطريقة كتابة تفسيرك لها.
  • في شرحك للنتائج وضح رأيك الخاص. مثلاً، هل كنت متوقعاً لهذه النتائج؟ أم أنها غير عادية وغير متوقعة؟ ولماذا هي غير متوقعة؟ هل هو بسبب عدم وجود أبحاث سابقة تناولت هذه النتيجة أو بسبب أخطاء في جمع أو تحليل البيانات؟ هل هو بسبب صمت عينة البحث عن الحديث عن هذا الموضوع؟ وما هي أسباب صمتهم وامتناعهم عن الإجابة؟
  • على الرغم من أهمية وضوح صوتك كباحث (The Writer Voice) لكن احذر التفريط في تفسير النتائج! فالتفسير عملية ذاتية قد تتضمن التحيزات الفردية وإصدار الأحكام وليّ عنق النتائج لتوافق رأي الباحث الشخصي. إن من الانتقادات الموجهة للبحث النوعي هو احتمالية التحيز والرأي الشخصي فيه ولكن توجد بحوث تفنّد هذه المقولة وتوضح كيف يمكن للباحث النوعي أن يتجنب التحيز الشخصي وأن يثبت الثقة (Trustworthiness) في بحثه كما يثبت الباحث الكمي صحة وموثوقية (Validity and Reliability) بحثه. للمزيد اطلع على الأبحاث التالية:
    • Shenton, A. K. (2004). Strategies for ensuring trustworthiness in qualitative research projects. Education for information, 22(2), 63-75.
    • Robson, C. (2011). Real world research. (3rd ed.), Chichester, England: Wiley.
  • استخدام ضمير المتكلم (أنا) يمكن أن يساعد في توضيح رأي الباحث وتمييزه عن آراء مؤلفي الدراسات السابقة، ويبرز صوته (The writer voice). هذا ويوجد خلاف في استخدام ضمير المتكلم في الوسط البحثي الإنجليزي حيث يشجع البعض استخدامه فيما يعارض آخرون (جامعتي تؤيد استخدامه (🙂 وأغلب باحثي الوسط العربي لا يفضلون ضمير المتكلم وإنما استخدام “يرى الباحث/ة” و”قام الباحث/ة” بدلاً من “قمتُ بعمل كذا”. وسواءً استخدم الباحث ضمير المتكلم أم لم يستخدمه فمن المهم التمييز بعبارات معينة بين رأي الباحث ورأي الكتّاب الآخرين الذين رجع الباحث إلى بحوثهم واستفاد منها في بحثه.
  • في كتابة فصل المناقشة تحتاج لقراءة الكثير من الأدبيات والدراسات السابقة. لذلك، بإمكانك أن تعمل على كتابة فصلين في آن واحد اختصاراً للوقت، وهما فصل المناقشة وفصل الدراسات السابقة، والذي يكون عادة الفصل الثاني في ترتيب البحث. كيف؟
    عن طريق كتابة فصل الدراسات السابقة مع أو بعد كتابة فصل المناقشة. فعند تفسيرك للنتائج تبدأ في البحث عن المراجع في هذا الموضوع وعند حصولك على دراسة، مقالة أو كتاب يناسب النتيجة المطلوبة فبإمكانك أن تحدد أين ستدرج هذه المرجع هل تود استخدامه في فصل الدراسات السابقة أو في فصل النتائج أو فيهما معاً؟ وهذا يعتمد على هدفك من استخدام هذا المرجع. هل تشعر أنه يقدم معلومة عامة عن موضوع بحثك؟ إذاً استخدمه في فصل الدراسات السابقة. أو أنك تراه ملائماً أكثر لدعم أو لمقارنة مع نتيجة بحثية؟ إذاً استخدمه في فصل المناقشة.
    هذه بعض تغريداتي عن جداول تنظيم البحث والتي يمكن الاستفادة منها أيضاً في تنظيم استخدام المراجع في فصلي المناقشة والدراسات السابقة. ويمكن تحميل عينة من جدول تتبع وتسجيل مراجع البحث.

  • تجنب تعميم النتائج بدون دليل. إن تعميم نتيجة البحث في المنهج النوعي غير مطلوب وليس مهماً كما هو مهم في البحث الكمي وذلك لأن البحث النوعي يركز على الفهم العميق والتفسير الدقيق لنتيجة البحث (Lincoln,1985).
  • يمكنك استخدام الرسوم والجداول في تعزيز تفسيرك للبيانات إذا كان ذلك بالإمكان.
  • استخدم الفعل المضارع (Present simple) في شرح وتفسير النتائج.

فصل المناقشة من أهم الفصول في الدراسات العلمية كونه يتم من خلاله مناقشة النتائج وتعزيز مكانة الدراسة ومقارنة ماتم التوصل إليه من نتائج بالدراسات السابقة. لذلك، من المهم أن يتأنى الباحث في إخراج هذا الفصل ويعطيه الوقت والتركيز الذي يستحقه للمساهمة في إبراز قيمة وأهمية الدراسة وما توصلت إليه من نتائج.


  • العبد الكريم، راشد والملا، أحلام. (٢٠١٤). فاعلية برنامج تدريبي لتطوير مشاركة مديرات مدارس المرحلة الابتدائية في تنفيذ المنهج. مجلة جامعة طيبة للعلوم التربوية، ٩(١)، ٢٨-٤٧.

بعد أن أنهينا تحليل البيانات واستخرجنا الترميزات والمواضيع وصنفنا البيانات النوعية حسب تلك المواضيع Themes نبدأ الآن مرحلة كتابة النتائج ومناقشتها.

عرض النتائج ومناقشتها قد يكون في فصل واحد يجمع بين العرض والمناقشة وقد يكون في فصلين منفصلين بحيث يكون فصل مستقل لعرض النتائج وفصل آخر مستقل لمناقشة هذه النتائج وتفسيرها وربطها بالدراسات السابقة.

ميزة كتابة النتائج والمناقشة في فصل واحد أنها تساعد على اختصار الكتابة والجهد فالباحث يعرض النتائج ويناقشها ويشرحها ويربطها بالدراسات السابقة والنظريات لكنها قد تكون صعبة قليلاً في تنظيم وعرض المعلومات وتفسيرها ومناقشتها في آن واحد. في المقابل فإن ميزة كتابة النتائج والمناقشة في فصلين مستقلين أنها أسهل للباحث خاصة المبتدئ بحيث ينهي كتابة النتائج فقط ثم يبدأ في مناقشتها وربطها بما سبق من دراسات للآخرين لكن الكتابة في فصلين قد تؤدي لإطالة الكتابة وتكرار بعض المعلومات عند إعادة كتابة النتائج مرة أخرى في فصل المناقشة. إن اختيار إحدى الطريقتين يرجع إلى سياسة وتفضيل القسم والجامعة التي يدرس فيها الباحث وأحياناً تترك للباحث حرية الاختيار.

سأشرح أولاً طريقة كتابة فصلين مستقلين موضحة ماذا يجب أن يتضمن فصل النتائج وماذا يجب أن يتضمن فصل المناقشة. اقرأ المزيد

تحدثت في المقالة السابقة عن كيفية البدء بتحليل البيانات النوعية وبداية الترميز (Coding). في هذه المقالة، أتابع الحديث عن الترميزات (Codes) بمزيد من التفاصيل وسنتعرف على الموضوعات (Themes).

صنّف (Saldaña, 2016) الترميزات لستة أنواع وهي:

  • التشابه: أشياء تحدث بنفس الطريقة
  • الاختلاف: أشياء تحدث بطرق مختلفة
  • التكرار: أشياء تحدث غالباً أو بشكل متكرر
  • التسلسل: أشياء تحدث بترتيب معين
  • التعلق: أشياء تحدث بشكل متعلق مع أنشطة وأحداث أخرى
  • السببية: حدوث شيء يكون سبباً في ظهور شيء آخر

ليس بالضرورة ظهور جميع هذه الأنواع من الترميزات في بيانات بحثك بل قد يظهر لديك بعضها دون البعض الآخر.

هل يجب أن أحلل جميع البيانات التي جمعتها لبحثي؟

هناك آراء مختلفة ومتضادة عن البيانات التي تستحق أن نحللها. هناك رأي يقول بأن كل كلمة وعبارة مهمة ويجب تحليلها. هذا الرأي يقابله رأي مضاد بأن التحليل ينبغي أن يكون لأهم البيانات فقط لذا ينبغي الاختصار بتحليل البيانات المتعلقة جداً بالأسئلة البحثية وحذف الباقي والذي قد يصل إلى نصف البيانات أو ثلثيها. (شخصياً أفضل الرأي الأول خاصة للمبتدئين في التحليل لأنه قد يصعب عليهم التفريق بين الأهم وغير المهم من البيانات، فالأفضل تحليل كل البيانات ثم الانتقاء وقت كتابة النتائج).

الترميزات (Codes) والموضوعات (Themes)

بعد كتابة الترميزات تأتي مرحلة كتابة الموضوعات والتي هي الناتج النهائي من الترميزات. فبعد تحليل البيانات إلى ترميزات كثيرة وصغيرة، تأتي مرحلة تحويلها إلى موضوعات كبيرة وقليلة. هذا التحويل يتم من خلال ذلك جمع الترميزات المتماثلة أو المتشابهة أو المتقاربة في تصنيف واحد يسمى موضوع (Theme). هذه الموضوعات الأساسية (Themes) قد تعتبر مثل العائلة التي تتضمن الوالدين والأطفال وربما الأحفاد أي أنها تحتوي العديد من التصنيفات الفرعية.

ومن المستحسن عمل خريطة ذهنية للترميزات والمواضيع منذ بداية التحليل فهي تساعد كثيراً في عملية كتابة النتائج ومناقشتها. هذا مثال لخريطة ذهنية فارغة لكتابة الترميزات.

كم العدد الجيد لمجموع الترميزات (Codes)؟

هناك رأي يقترح أن يكون عدد الترميزات ما بين ٥٠ إلى ٣٠٠ ترميز، في حين أن الرأي الآخر يرى أن تكون الترميزات بين ٨٠ إلى ١٠٠ ترميز. أما عدد المواضيع المتكونة من الترميزات فتكون غالباً بين ٥ إلى ٧ مواضيع (Themes).

تحويل الترميزات إلى موضوعات

لنأخذ مثالاً لتحليل مقطع من مقابلتين مع طالبات متفوقات مع الترميزات والموضوعات التي يمكن استخلاصها من المقابلة.

الطالبة المقابلة الترميزات (Codes) الموضوعات (Themes)
نورة السؤال: ما الذي قد يقتل أو يحد من التفوق لدى الطالبة؟

الإجابة: إن جو المدرسة من أهم الأمور التي تحافظ على استمرارية التفوق وعدم قتله وكذلك تهيئة الجو المناسب في المنزل للطالبة وخاصة وقت الاستذكار في عدم الحد من التفوق واستمراريته.

١- محيط المدرسة يؤثر على التفوق

٢- بيئة المنزل تؤثر على التفوق

١- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق

٢- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق

سارة السؤال: ما الذي قد يقتل أو يحد من التفوق لدى الطالبة؟

الإجابة: المعلمة التي تستهزأ بجهد الطالبة. وكذلك خوف الطالبة الشديد من الفشل أو نقصان الدرجات.

١- دور المعلمة في التأثير على تفوق الطالبة.

٢- تأثير الخوف على تفوق الطالبة.

١- العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق

٢- العوامل الداخلية المؤثرة على التفوق

في المرحلة الأولى من الترميز قد نتفاجئ من الكم الهائل من الترميزات (Codes) لكن في الدورة الثانية من الترميز (عند مراجعة الترميزات مرة أخرى) قد ننتبه لوجود تكرار في بعض الترميزات والتي يمكن دمجها في عنوان واحد. مثلاً الترميز (محيط المدرسة يؤثر على التفوق)، والترميز (دور المعلمة في التأثير على تفوق الطالبة) فيهما تشابه وبالإمكان دمجهما تحت عنوان واحد وهو (تأثير محيط المدرسة على التفوق). وعلى الرغم من أن الترميز قد يكون أحياناً كبيراً وشاملاً لتصنيفات أصغر من الترميزات ولكنه يظل مختلفاً عن الموضوع (Theme) والذي يعتبر مثل المظلة الكبيرة التي تضم عدداً من الترميزات تحتها.

في المثال السابق، نجد أن الطالبات تحدثن عن الأشياء التي تؤثر على تفوقهن كالمدرسة والمنزل وهما يعتبران عاملان خارجيان في حين أن الخوف من الفشل يعتبر عاملاً نفسياً منبعثاً من داخل النفس (عامل داخلي). إذاً هنا نجد موضوعين كبيرين كل منهما يضم تحته مواضيع أصغر هي الترميزات. الموضوع الأول (Theme) هو العوامل الخارجية المؤثرة على التفوق ويندرج تحته الترميز (Code) الأول وهو دور المدرسة متضمناً المديرة، المعلمة والزميلات، والترميز (Code) الثاني وهو دور المنزل متضمناً الوالدين والأخوة والأخوات والجو العام للمنزل. والموضوع الثاني (Theme) هو العوامل الداخلية المؤثرة على التفوق ويندرج تحته الترميز (Code) العوامل النفسية كالخوف من الفشل.

صورة توضح طريقة تحويل الترميزات إلى موضوعات (Saldaña, 2016)

الدورة الثانية من التحليل

مراجعة الترميزات تسمى الدورة الثانية للتحليل وقد تكون هناك ثالثة ورابعة وأكثر حسب الحاجة. هناك عدة طرق لمراجعة التحليل:

  1. إما باتباع نفس الطريقة الأولى وهي قراءة البيانات وتحليلها مرة أخرى.
  2. أو بطريقة أخرى وهي قراءة محتويات كل ترميز. مثلاً، نعيد قراءة جميع المقاطع التي أخذناها من المقابلات وحفظناها تحت ترميز (تأثير محيط المدرسة على التفوق)، حيث نقرأها ونتأكد هل هي في مكانها الصحيح أم الخاطئ؟ هل يمكن وضعها تحت ترميز آخر؟ هل يمكن دمج ترميزين؟ أو فصل ترميز واحد إلى اثنين؟ وهكذا،… وتكمن أهمية الدورة الثانية للتحليل في التأكد من جودة التحليل وصحته.

Saldaña, J. (2016). The coding manual for qualitative researchers. Sage.

تخيل أنك تمتلك مقهى رائقاً وأردت أن تسعد ذائقة زبائنك بكتب تحيط أرجاء المكان. أخيراً وصلتك الكتب في مختلف التخصصات والاهتمامات، والآن حان وقت ترتيب الكتب! من أين تبدأ؟ وكيف ستصنف الكتب؟ وكيف ستعرضها؟

هذا مثال مشابه لحال الباحث في العلوم الاجتماعية مع بيانات بحثه الضخمة. الشعور بالضياع هو الإحساس الأبرز والطبيعي للباحث في هذه المرحلة…مرحلة تحليل البيانات وتصنيفها. وعلى الرغم من الصعوبات والحيرة ومحاولات الإخفاق والنجاح التي تتخلل هذه المرحلة، إلا أنها مرحلة ممتعة وجميلة.

في هذه المقالة شرح مبسط لتحليل بيانات البحث النوعي (Qualitative research) بطريقة التحليل الموضوعي (Thematic analysis).

 

البحث النوعي (Qualitative research)

هو بحث تفسيري يتعامل مع مواد رمزية تحتاج الكثير من التفسير، وهو عادة يجيب على أسئلة ولا يختبر فرضيات.

يقول Gray (٢٠١٤): أن البحث النوعي يجيب على سؤال كيف ولماذا الأشياء تحدث؟ بحيث يعطينا فهماً أعمق للشيء المبحوث وليس مجرد لمحة عابرة.

التحليل الموضوعي (Thematic analysis)

تحليل الموضوعات (Thematic analysis) هو أحد الطرق المستخدمة فى تحليل البيانات النوعية حيث يقوم الباحث بتنظيم ووضع البيانات في موضوعات أو فئات محددة، ثم يقوم بشرحها وتفسيرها تحليلياً لإيجاد إجابة سؤاله البحثي. وقد يتم التحليل الموضوعي من خلال التركيز على القواسم المشتركة بين البيانات ولكن الموضوع الشائع أو المتكرر قد لا يكون بالضرورة مهماً أو ذا معنى في حد ذاته.

براون وكلارك (٢٠١٢) هما أشهر من كتب عن التحليل الموضوعي حيث شرحا هذا المنهج في ستة مراحل:

  1. غمر النفس في البيانات التي جمعها الباحث حتى تصبح مألوفة له.
  2. كتابة الرموز الأولية المرحلة.
  3. البحث عن الموضوعات الرئيسية/ الفئات/العناوين.
  4. مراجعة الموضوعات المحتملة المرحلة.
  5. تحديد وتسمية الموضوعات.
  6. إنتاج التقرير.

 

التركيز في هذه المقالة (المرحلة الأولى) على الأسئلة التالية:

كيف أحلل بياناتي ؟ من أين أبدأ؟ كيف أكتب الترميزات؟

أثناء جمع البيانات

في كثير من الكتب والمقالات التي تتحدث عن تحليل البحث، يُنصح الباحث بالبدء بالتحليل أثناء جمع البيانات. هذه نصيحة ثمينة ولكن قد تكون هذه تجربة الباحث الأولى في البحث والتحليل فربما يصعب عليه التحليل والجمع معاً. لذا أنصح الباحث المبتدئ بالتحضير لمرحلة التحليل بكثرة القراءة والاستماع والبحث والاستفسار عن طرق تحليل البيانات حتى يجد الطريقة التي تناسب طريقة تفكيره ونوعية أسئلة وطرق بحثه.

اقرأ، اسمع، شاهد وناقش

  • اسأل جوجل فهو يعطيك إجابات مختصرة عن معنى التحليل والكودات والثيمات، علماً أنه ينبغي للباحث أن يتأكد من موثوقية مراجعه التي يستشهد بها فمثلاً موسوعة الويكيبيديا تعد مفتاحاً يقودك للمعلومة مباشرة وبشكل مختصر وواضح لكن هذه الموسوعة لاتعد مصدراً موثوقاً في البحوث العلمية وذلك لأنها قابلة للتغيير والتعديل من قبل أي شخص يقرؤها.
  • اسأل الباحث العلمي من جوجل www.googlescholar.com فهو غالباً يقودك لمقالات علمية محكمة تثري مراجع بحثك.
  • زيارة مكتبة جامعتك أو زيارة مكتبات العالم على شبكة الانترنت.
  • غذِّ معرفتك بقراءة الكتب والمقالات التي تشرح طرق التحليل ومنهجياته.
  • موقع يوتيوب ثري بالمعلومات لمن يفضل المشاهدة والسماع.
  • المناقشات مع الباحثين الآخرين في الجامعة أو على وسوم تويتر أو مجموعات التلجرام البحثية.

البدء بالتحليل

  • في عصر التكنولوجيا توجد برامج كثيرة تحفظ وقت الباحث وتسهل بحثه. ومن البرامج التي تساعد في تحليل بينات البحث النوعي برنامج الورد Microsof Word، الاكسل Exel و برنامج انفيفو Nvivo (قدمت دورة عنه والشرائح منشورة على حسابي في تويتر haladsani@ ومباشرة على هذا الرابط http://www.slideshare.net/HibahAladsani )
  • طباعة هدف البحث وأسئلته وتعليقها في المكتب أمام ناظريك. لأنه على الباحث أن ينتقي من البيانات ماهو مرتبط بأسئلة بحثه، فلا يحلل كل شيء بل ينتقي ويختار مايناسب هدف بحثه ويترك ما لايحتاجه والذي قد يصل إلى نصف البيانات الخام
  • البدء بقراءة سريعة للبيانات (مقابلات- ملاحظة أو غيرها) الغرض من هذه القراءة هو اكتشاف بعض المواضيع (Themes) المشوقة والمهمة وهذه الخطوة تنفع من لم يبدأ التحليل وقت جمع البيانات كما ذكرته سابقاً.

طرق الترميز Codes

لترميز بينات البحث البحث النوعي طرق كثيرة [مدرجة في الصورة من كتاب (Saldaña, 2016)]     لكن تركيزنا في هذه المقالات سيكون على طريقة الترميز الوصفي (Descriptive Code) وهي تلخيص كل مقطع أو جملة في كلمة أو كلمتين، علماً أن الجملة الواحدة يمكن أن تتضمن أكثر من ترميز في بعض الأحيان. الترميز مناسب لتحليل كل أشكال البيانات تقريباً مثل المقابلة، الملاحظة، الوثائق، المدونات، الصور والفيديو. وهو مناسب أيضاً للباحثين المبتدئين في تحليل بيانات البحث النوعي (Saldaña, 2016).

 

مثال لتحليل مقطع من مقابلة مع طالبة متفوقة:

المقابلة الترميزات (Codes)
السؤال: ما الذي قد يقتل أو يحد من التفوق لدى الطالبة ؟

الإجابة: إن جو المدرسة من أهم الأمور التي تحافظ على استمرارية التفوق وعدم قتله وكذلك تهيئة الجو المناسب في المنزل للطالبة وخاصة وقت الاستذكار في عدم الحد من التفوق واستمراريته

١- محيط المدرسة يؤثر على التفوق

٢- بيئة المنزل تؤثر على التفوق

 

الآن دورك أيها القارئ/أيتها القارئة في تجربة تحليل نفس المقطع. هل توافقون على نفس الترميزات؟ أم أنه قد خطر ببالكم ترميزات أخرى؟ هذا جيد لأن التحليل يعتمد على الباحث وثقافته وتفكيره الذي هو بطبيعة الحال يختلف عن الآخرين. إن مايميز البحوث النوعية هو الاختلاف والابتكار والإبداع.

رحلة تحليل البيانات النوعية قد تستغرق أشهراً عديدة، وهذا طبيعي خاصة لمن يجرب تحليل البيانات النوعية لأول مرة.

  • Gray, D. E. (2014). Doing research in the real world. London. Sage.
  • Braun, V., & Clarke, V.(2012).Thematic analysis. APA Handbook of Research Methods in Psychology, Vol 2: Research Designs: Quantitative, Qualitative, Neuropsychological, and Biological., 2, 57–71.
  • Saldaña, J. (2016). The coding manual for qualitative researchers. Sage.

استمرارًا لسلسلة مقالاتي عن الملصق العلمي والتي استعرضنا في آخر مقال فيها بعض النقاط التي ينصح الباحث بإتباعها أثناء تقديم ملصقه العلمي. سنكمل الحديث عن الملصقات العلمية وعرضها عبر شاشات رقمية، وسنتعرف على نوع من الملصقات يُعرف بالملصقات اللوحية كما سنتطرق للفروقات مابين الملصقات العلمية والإنفوجرافيك.

الملصقات الإلكترونية E-Poster

  • بدأ عدد من المؤتمرات مؤخرا بعرض الملصقات العلمية عبر شاشات رقمية تفاعلية عوضا عن طلب طباعة الملصقات من قبل المشاركين علما بأن هذة الشاشات مكلفة لذلك لا يستخدمها الجميع، وعند عرض الملصقات بهذا الشكل نطلق عليها مصطلح Electronic Posters باللغة الإنجليزية.
  • كذلك قد تطلب بعض المؤتمرات من المشاركين عرض ملصقهم العلمي عبر شاشة البروجكتر داخل القاعات وشرحه في وقت محدد مثله مثل العرض المرئي. كذلك قد تطلب بعض المؤتمرات من المشاركين عرض ملصقهم العلمي عبر شاشة البروجكتر داخل القاعات وشرحه في وقت محدد مثله مثل العرض المرئي.

اقرأ المزيد